السبت , 8 نوفمبر 2025

شبوة_حرة
الجمعة 7 نوفمبر 2025م
كتب/ عبدالكريم احمد سعيد
ان نجاح مصر في قيادة قمة شرم الشيخ للسلام لم يكن حدثا عابرا، بل محطة سياسية اعادت القاهرة الى قلب التوازنات الاقليمية، لتفتح الباب امام دور مصري روسي قد يغير مسار الأزمة اليمنية، ويعيد للدولتين حضورهما الطبيعي في المشهدين الجنوبي والشمالي.
حيث أثبتة مصر مجدداً انها الرقم الصعب في معادلة الشرق الاوسط، بعد ان جمعت قادة العالم في شرم الشيخ حول رؤية واقعية لانهاء الحرب في غزة واحياء مشروع السلام بروح من التوازن والمسؤولية. هذا الدور اعاد القاهرة الى موقعها الطبيعي كضامن للاستقرار ومهندس للحلول السياسية في المنطقة، واعاد معها الاعتبار للدبلوماسية الهادئة كاداة فاعلة في معالجة الازمات المعقدة.
لقد برهنت التجربة المصرية ان بناء التوافقات الاقليمية يبدأ من الثقة والاتزان لا من الاملاءات والصدام. ومن هذا المنطلق يبرز محور مصري روسي يمكن ان يشكل مدخلا واقعيا لاطلاق مقاربة جديدة تجاه الأزمة اليمنية، على أسس تضمن الأمن الإقليمي وتحترم ارادة الشعوب في تقرير مصيرها. وفي ضوء التعقيدات الراهنة التي انهكت الجنوب واليمن بشكل عام، تبدو الحاجة الى رؤية كهذه أكثر الحاحاً من اي وقت مضى.
روسيا التي عززت حضورها في ملفات المنطقة من سوريا الى ليبيا، تنظر إلى الجنوب واليمن كبوابة لتوازن استراتيجي بين الخليج والقرن الافريقي، فيما ترى القاهرة ان أمن البحر الاحمر واستقرار جنوب الجزيرة العربية جزء لا يتجزأ من امنها القومي. هذا التقاطع في المصالح يفتح الباب امام شراكة بناءة تضع الأزمة اليمنية في إطارها الصحيح، باعتبار ان الحل لا يمكن ان يمر إلا عبر الاعتراف بواقع الدولتين في الجنوب والشمال، وبناء نظامين متكاملين يضمنان الأمن والاستقرار على ضفتي شبه الجزيرة العربية.
الدور المصري يستند الى خبرة طويلة في الوساطة المتوازنة والتواصل مع مختلف الاطراف دون انحياز، فيما تملك روسيا ثقل التاثير الدولي وقنوات الاتصال مع القوى الكبرى. وتكامل الدورين يمكن ان يخلق مظلة جديدة للحل السياسي للأزمة اليمنية، تكسر الجمود الدبلوماسي وتعيد الاعتبار لمنطق الدولة والمؤسسات، لا لمنطق السلاح والمصالح المتقاطعة.
القاهرة التي نجحت في جمع المتنازعين في قاعة واحدة حول هدف مشترك، تملك اليوم الرصيد السياسي والإنسانـي لتكرار التجربة في الملف الجنوبي واليمني، بدعم روسي يضفي بعداً دولياً واستراتيجياً على جهودها. فالحل لا يمكن ان يفرض بالقوة ولا ان يصاغ بمعزل عن اصحاب المصلحة الحقيقيين وفي مقدمتهم شعب الجنوب الذي قدم تضحيات جسيمة من أجل استعادة دولته وهويته السياسية.
إن اي تسوية مستقبلية للازمة ينبغي ان تنطلق من الاعتراف بهذه الحقيقة، وان تتعامل مع الجنوب كشريك في صناعة السلام لا كملف ملحق بالتسوية. فعودة الوضع الطبيعي للدولتين ليست مطلباً سياسياً فحسب، بل شرطاً لاستدامة السلام وبناء نظام اقليمي متوازن في جنوب الجزيرة العربية.
والتنسيق المصري الروسي لا يستبعد احداً، بل يقوم على التكامل مع شركاء الإقليم، وفي مقدمتهم السعودية والامارات، بوصفهما شريكين اساسيين في أمن المنطقة واستقرارها، وبما يضمن ان يكون حل الأزمة اليمنية ثمرة توافق اقليمي لا ساحة لتنافس النفوذ.
ان ما برز في شرم الشيخ من قيادة مصرية حكيمة قادرة على تحويل الأزمات إلى فرص، يعكس ان القاهرة لم تعد مجرد وسيط، بل قوة عقلانية تمارس تاثيرها من موقع المسؤولية التاريخية. ومع انخراط روسيا كشريك دولي متزن، وتفاعل الاطراف الخليجية الداعمة للاستقرار، يمكن لهذا التعاون ان يشكل نقطة إنطلاق جديدة نحو سلام دائم في جنوب الجزيرة العربية يقوم على التوازن والعدالة وعودة طبيعية للدولتين.
7 نوفمبر، 2025
6 نوفمبر، 2025
6 نوفمبر، 2025
3 نوفمبر، 2025
3 نوفمبر، 2025
1 نوفمبر، 2025
24 أكتوبر، 2025
23 أكتوبر، 2025
22 أكتوبر، 2025
20 أكتوبر، 2025
17 أكتوبر، 2025
16 أكتوبر، 2025
15 أكتوبر، 2025