الأربعاء , 15 يناير 2025
شبوة_حرة | مقالات رأي
الثلاثاء 14 يناير 2025م
كتب/ محمد علي رشيد النعماني
يأتي البيان الصادر عن القوى الوطنية الجنوبية ليعبر عن حالة الغضب الشعبي المتزايد في الجنوب تجاه الأوضاع المتردية على جميع الأصعدة ويعكس تطلعات الجنوبيين لإستعادة حقوقهم المسلوبة وتحقيق العدالة والتنمية فقد أكدت القوى الجنوبية في بيانها أن “صبر الشعب قد نفد” معلنةً تصعيداً شعبياً ونقابياً ضد السياسات الفاشلة والفساد المستشري وقد ركز البيان على عدة محاور أساسية أبرزها تحسين الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والتعليم والصحة بشكل عاجل وتعكس هذه المطالب معاناة المواطن الجنوبي اليومية في ظل إنهيار هذه الخدمات التي تعد حقاً أساسياً لكل إنسان .
كما طالب البيان بوقف تدهور العملة المحلية ووضع برنامج إقتصادي شامل وهي خطوة ضرورية لمواجهة الأزمة الإقتصادية التي أثقلت كاهل المواطنين وأثرت بشكل مباشر على حياتهم إضافةً إلى ذلك دعا البيان إلى إلغاء قانون الحصانة رقم (6) لعام 1995م الذي يوفر حمايةً للمسؤولين الفاسدين وفتح ملفات الفساد للمساءلة القانونية هذا المطلب يعكس إدراكاً شعبياً بأن الفساد هو العائق الأكبر أمام تحقيق التنمية والعدالة وأن استمراره يعني استمرار معاناة الشعب .
أشار البيان أيضاً إلى ضرورة إعادة تشغيل المنشآت الحيوية مثل مصافي عدن وميناء عدن لضمان تدفق الإيرادات ودعم الإقتصاد المحلي هذا الطلب يضع خارطة طريق واضحة لإستغلال الموارد الجنوبية بشكل أمثل بعيداً عن الهدر والفساد ومن القضايا الجوهرية التي أوردها البيان تنفيذ قرارات التسوية والتعويض للمسرحين والمبعدين منذ حرب 1994م وترتيب أوضاعهم بما يضمن حقوقهم هذا الأمر يظهر أهمية تحقيق الإنصاف للفئات التي تضررت بفعل السياسات الإقصائية السابقة .
حملت لهجة البيان تصعيداً واضحاً مع التأكيد على الالتزام بالوسائل السلمية والقانونية مثل الإعتصامات والعصيان المدني وقطع الإيرادات يعكس هذا النهج السلمي رغبة القوى الجنوبية في تحقيق مطالبها دون الإنزلاق إلى العنف مما يمنح قضيتهم شرعية أخلاقية وسياسية كما أن التصعيد يعكس رسالة تحذير واضحة للشرعية والأطراف الدولية والإقليمية بأن تجاهل مطالب الجنوب سيؤدي إلى موجة غضب شعبي قد تكون لها تداعيات خطيرة على إستقرار المنطقة بأكملها .
وخلال هذه الوقفة التصعيدية أعلن المحتجون تفويض المجلس الإنتقالي الجنوبي لقيادة هذه المرحلة الحرجة والتحدث بإسمهم لتحقيق مطالبهم العادلة والمشروعة بإعتباره الممثل الأبرز للقضية الجنوبية ويضع هذا التفويض المجلس أمام مسؤولية كبيرة تستوجب العمل الجاد والسريع لتلبية تطلعات المحتجين خاصةً فيما يتعلق بتحسين الخدمات الأساسية ومعالجة الأزمات الإقتصادية وفتح ملفات الفساد للمساءلة .
إن المجلس الانتقالي وهو يحمل ثقة الشارع الجنوبي مطالبٌ باتخاذ خطوات عملية وفعالة لتفادي خيبة الأمل وفقدان شعبيته التي تعد مصدر قوته الرئيسية كما ينبغي على المجلس أن يضع خطة متكاملة وواضحة للتعامل مع الأزمات مع التركيز على الشفافية وإشراك الكفاءات الوطنية في إدارة الملفات الحساسة ويتعين عليه أن يظهر حرصه على مصالح الشعب الجنوبي من خلال إجراءات ملموسة تعزز الثقة به وتثبت إلتزامه بقضية الجنوب وفي حال أخفق المجلس في الإستجابة لتطلعات الجماهير فإن ذلك سيؤدي إلى تآكل شعبيته وفقدان الثقة فيه مما قد يفتح المجال أمام قوى أخرى لإستغلال الوضع وتحقيق أجندات بعيدة عن طموحات الشعب الجنوبي .
ومن القضايا المحورية التي ركز عليها البيان مسألة الفساد الذي أعتُبر أحد أهم أسباب تدهور الأوضاع في الجنوب والمناطق المحررة عموماً وفي ظل إستمرار غياب المساءلة يصبح من الضروري دعوة المجتمع الدولي إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لكشف ملفات الفساد ومحاسبة المسؤولين عنه .
إن تشكيل لجنة تحقيق دولية يمكن أن يكون خطوة حاسمة لكشف حجم الفساد المستشري في مؤسسات الدولة خاصةً في ظل عجز الجهات المحلية عن التعامل مع هذه الملفات بسبب الحصانة القانونية أو غياب الإرادة السياسية فمثل هذه اللجنة ستكون قادرة على كشف الحقائق المرتبطة بالفساد وتقديم تقارير شفافة إلى المجتمع المحلي والدولي والضغط على الأطراف الدولية الداعمة للشرعية لضمان أن تذهب المساعدات إلى مكانها الصحيح بدلاً من الهدر أو السرقة
وهناك تجارب دولية مماثلة مثل لجنة التحقيق في برنامج “النفط مقابل الغذاء” في العراق أثبتت أن التدخل الدولي يمكن أن يساعد في الحدّ من الفساد واستعادة جزء من الثروات المسروقة .
بيان القوى الجنوبية أظهر مطالب شعبية مشروعة تستحق الدعم محلياً ودولياً لكنه في الوقت ذاته سلط الضوء على التحديات التي تواجه الجنوب في مسعاه لإستعادة حقوقه فالتباين بين القوى الجنوبية وإستمرار التدخلات الخارجية وسياسات التهميش كلها تعيق تحقيق هذه التطلعات مع ذلك فإن الإلتزام بالتصعيد السلمي ووحدة الصف الجنوبي يمكن أن يكون مفتاح النجاح كما أن دعوة المجتمع الدولي لتشكيل لجنة تحقيق في قضايا الفساد تعد خطوة هامة نحو كشف الحقائق ومحاسبة المتورطين مما سيمهد الطريق لتحقيق العدالة وبناء مستقبل أفضل للجنوب .
مطالب الجنوب ليست مجرد دعوات إصلاحية فقط بل هي تعبير عن إرادة شعب يتوق إلى إستعادة دولته وكرامته وحقوقه ومع إستمرار التصعيد السلمي تبرز أهمية التحرك السريع من قبل المجتمع الدولي للإستجابة لهذه المطالب قبل فوات الأوان الجنوب اليوم يقف عند مفترق طرق وصرخة “يا إما نكون أو لا نكون” ليست مجرد شعار بل إنذار بأن الشعب لن يقبل بمزيد من التهميش أو المساومات ..
14 يناير، 2025
14 يناير، 2025
14 يناير، 2025
14 يناير، 2025
13 يناير، 2025
13 يناير، 2025
12 يناير، 2025
12 يناير، 2025
11 يناير، 2025
9 يناير، 2025
8 يناير، 2025
7 يناير، 2025
31 ديسمبر، 2024