شرعية الميدان ترسم الطريق: التفويض الشعبي في الجنوب يتقدّم ومطلب الدولة يعود إلى حدود ما قبل 1990

شبوة_حرة
الإثنين 29 ديسمبر 2025م
في ظل تصاعد التوترات السياسية والأمنية في شرق اليمن خلال ديسمبر 2025، تبرز على الأرض معادلة مختلفة عمّا تفرزه “الغرف السياسية”؛ إذ تتقدّم في الجنوب فكرة أن الشرعية الحقيقية تُمنَح من الشعب في الميدان عبر الحشود والتفويض الشعبي، لا عبر ترتيبات مغلقة تُدار من فوق أو تُفرض كأمر واقع. ويتزامن ذلك مع خطاب سياسي وإعلامي متصاعد يربط “شرعية الميدان” بمطلب استعادة الدولة الجنوبية على حدودها السابقة قبل وحدة 1990.
شرعية الشعب لا شرعية الغرف المغلقة
يستند هذا الخطاب إلى قناعة تتوسع شعبيًا مفادها أن “الشرعية” ليست مجرد ألقاب أو اعترافات تُستعاد بالبيانات، بل هي عقد ثقة بين مجتمع وقضية، تُقاس بقدرته على الحضور في الساحات، وحماية الاستقرار، وصناعة إجماع عام حول الهدف السياسي. وفي هذا السياق، جاءت التطورات الأخيرة في حضرموت وما حولها لتعيد طرح السؤال: من يملك الفعل على الأرض، ومن يمتلك التفويض الشعبي؟
وتزامن ذلك مع تقارير دولية عن تحذيرات سعودية-ائتلافية للمجلس الانتقالي الجنوبي بشأن تحركات في حضرموت، بما يعكس حساسية المرحلة ووزن “الميدان” كعامل ضاغط في صناعة القرار.
إجماع جنوبي متنامٍ حول مشروع الدولة
يرى متابعون أن الزخم الشعبي الجنوبي لا يتحرك بوصفه احتجاجًا عابرًا، بل بوصفه اتجاهًا سياسيًا يتراكم: “مشروع استعادة وبناء دولة الجنوب العربي” لم يعد طرحًا نخبويًا، بل يتحول إلى خطاب عام تُعيد المليونيات والساحات تثبيته باعتباره “الهدف الجامع”.
ويتقدم في قلب هذا الخطاب تأكيدٌ على أن حضرموت – بثقلها السكاني والاقتصادي وموقعها الاستراتيجي – ليست هامشًا في هذا المشروع، بل ركيزةً لدولة جنوبية قادمة تُدار بمنطق مؤسساتي واقتصادي لا بمنطق الترتيبات المؤقتة.
“حدود ما قبل 1990” كمرجعية دولية سابقة
يستند مطلب “العودة إلى حدود ما قبل 1990” إلى حقيقة تاريخية وقانونية مفادها أن الجنوب كان كيانًا دوليًا قائمًا قبل الوحدة: جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (جنوب اليمن) كانت دولة عضوًا في الأمم المتحدة منذ 14 ديسمبر 1967.
وتوثّق الأمم المتحدة أيضًا أن اندماج الشطرين تم في 22 مايو 1990 تحت اسم “الجمهورية اليمنية”، ما يعني أن الوحدة جاءت بقرار اندماجي بين كيانين دوليين سابقين لا بضمٍ إداري داخلي.
كما تؤكد مراجع دبلوماسية أمريكية أن دولة الجنوب نالت استقلالها في 30 نوفمبر 1967 وحصلت على اعترافات دبلوماسية بما فيها اعتراف الولايات المتحدة في ديسمبر من العام نفسه.
الخلاصة: دعم التحركات الجنوبية بوصفها “تفويضًا شعبيًا”
ضمن هذا الإطار، يتجه الخطاب الجنوبي إلى ترسيخ فكرة مركزية: شرعية شعب الجنوب العربي هي المرجعية السياسية الأولى، وهي التي تمنح القيادة تفويضها “في الميدان”، مقابل شرعيات تُتهم بأنها فقدت معناها مع الزمن، وباتت عاجزة عن إنتاج حلول أو حماية الاستقرار.
وبينما تتصاعد الإشارات الدولية إلى تعقّد المشهد في حضرموت، يبقى الثابت في الجنوب – وفق هذا المنطق – أن الساحات لا تتحرك لتبديل أسماء، بل لتثبيت “مشروع دولة”، وأن استعادة الدولة على حدود ما قبل 1990 تُطرح اليوم بوصفها “مسارًا سياسيًا” له قاعدة شعبية، ومرجعيات دولية سابقة، ونقاش متجدد حول مستقبل اليمن وشكل التسوية النهائية