الأحد , 12 أكتوبر 2025
شبوة_حرة
السبت 11 أكتوبر 2025
تحليل/ د. يحيى شائف ناشر الجوبعي:
المقدمة :
١-أهمية البحث.
تكمن أهمية البحث عن ثورة الرابع عشر من أكتوبر الخالدة ليس في كونه مجرد استعادة لحدث تحرري ، بل هو بحث في جوهر علاقة الثورة ببناء الدولة ، ومدى قدرة المشروع التحرري على تأسيس بنية مؤسساتية مستقرة، وإنتاج ثقافة سياسية قادرة على الصمود أمام التحولات السياسية القسرية .
كما تبرز أهمية البحث من كونه لا يقرأ ثورة أكتوبر كحالة تاريخية منجزة فقط ، بل يتناولها كـنسق ثقافي وبنية مقاومة ممتدة في الزمن المفتوح.
ولهذا فأكتوبر الخالدة لا تزال تلعب دورًا فاعلًا منذ انفجارها من على قمم جبال ردفان الشماء حين تخضبت بدماء الشهيد الرمز راجح بن غالب لبوزة أول شهداء الجنوب المقاوم ولازالت وروح المقاومة والرفض والتحدي هي السمة المهيمنة على الإرادة الجنوبية الثائرة .
٢-أهداف البحث :
أ-دراسة دور ثوار أكتوبر في فرض سيادة دولة الجنوب المدنية بعد الاستقلال .
ب-رصد تحوّل ثقافة أكتوبر إلى طاقة مقاومة بعد فقدان الدولة ومحاولات استعادتها.
ج-تقييم استمرارية المشروع الأكتوبرى كثقافة سياسية حية متجددة.
٣-أسباب اختيار البحث.
أ-أهمية ثورة أكتوبر في تشكيل الوعي السياسي والثقافي الجنوبي.
ب-تصاعد الحديث السياسي والثقافي حول استعادة الدولة في الجنوب اليوم.
ج-غياب دراسات تحليلية معمّقة تدمج بين التاريخ السياسي والثقافة السياسية في هذا الإطار.
٤-مشكلة البحث
كيف استطاعت ثورة أكتوبر أن تؤسس دولة جنوبية مستقلة؟ ولماذا فُقدت هذه الدولة؟ وكيف تحوّلت ثقافة أكتوبر إلى مشروع نضالي لاستعادة الدولة الجنوبية ؟ وإلى أي مدى يمكن القول إن استعادة الدولة الجنوبية اليوم هي امتداد عضوي
للثورة.
٥-فرضيات البحث
أ-ثورة أكتوبر أسّست دولة جنوبية ذات سيادة
ب-قيادة الدولة حاولت الحفاظ على منجزات رغم التحديات.
ج-المشروع الثقافي الأكتوبرى لم ينتهِ بسقوط الدولة، بل تحوّل إلى مقاومة شعبية/مؤسسية لاستعادتها.
د-هناك تواصل بنيوي بين ثورة أكتوبر وثورة الحراك الجنوبي بجناحيها السلمي والمقاوماتي الذي تشكل منهما المجلس الانتقالي بقيادة الأخ الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي .
٦- المنهج المستخدم
يعتمد هذا البحث على المنهج التحليلي التكاملي الذي يستفيد من روح المناهج كلها مدعومًا بمقاربة ثقافية لتحليل تطور العلاقة بين الثورة والدولة وأثر الثقافة السياسية في تكوين العقل الجمعي الجنوبي.
ج- نقاط تحليل البحث:
أولًا :ثوار أكتوبر وفرض سيادة الدولة الجنوبية
من (١٩٦٧– ١٩٩٠)
انفجرت ثورة ١٤/ ١٩٦٣م من جبال ردفان الشماء عام ١٩٦٣م ضد الاحتلال البريطاني الذي دام أكثر من ١٢٨ عاما حيث مثّلت هذه الثورة حراكًا تحرريًا وطنيًا ضد الاستعمار البريطاني ، لكنها لم تتوقف عند حدود الاستقلال السياسي ، بل طرحت مشروعًا لبناء دولة جنوبية حديثة.
كما أن ثوار أكتوبر جميعا لم يكونوا مجرد مقاتلين فحسب بل كانوا صُنّاع مشروع مدني يسعى لبناء دولة وطنية خالية من المشاريع الضيقة القبلية منها والطائفية.
ومن هذا المنطلق فقد تم تأسيس الدولة الجنوبية على أساس برامج حداثية شاملة سخرت لخدمة آدمية الإنسان .
لهذا فقد تميزت ثورة أكتوبر الخالدة بإنجاز دولة مدنية متفردة قلما تميزت بها ثورة من الثورات العربية الحديثة بفعل ما قدمت من منجزات نادرة تكمن أبرزها في الآتي :
-مجانية التعليم والصحة
-تمكين المرأة وحريتها.
-القضاء على الأمية.
-إنشاء جيش وطني حر
-ترسيخ مبدأ المواطنة والمساواة وغيرها.
وبهذه المنجزات نجح الثوار في الانتقال من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة ، ففرضوا سيادة دولة وطنية وأسسوا أول مشروع حداثي مدني في الجزيرة العربية.
ثانيًا:قيادة دولة أكتوبر والتمسك بمنجزات الدولة من(١٩٩٠–٢٠٠٦)
في لحظة زمنية غير محسوبة دخلت قيادة الدولة الجنوبية في ٢١ مايو عام ١٩٩٠م بوحدة وهمية مع قوى القبيلة اليمنية فرضتها طبيعة التحولات الدولية ، والمحلية المتسارعة مع نهاية الحرب العالمية الباردة ، مما أدى إلى احتلال قوى القبيلة اليمنية للجنوب في صيف ١٩٩٤م فكانت الكارثة لأن الوحدة لم تكن اندماجا بين مشروعين متكافئين ، بل اختراقًا بنيويًا من قبل نظام قبلي شمالي لنظام مدني جنوبي ، وبالرغم من ذلك حاولت القيادة الجنوبية التمسك بمكتسبات الدولة إلا أن سياسة الإبادة التدميرية التي اتبعها نظام القبيلة اليمنية تجاه كلما هو جنوبي حالت دون ذلك ومن أبرز تلك السياسات الخبيثة (الإقصاء السياسي ، والنهب المؤسسي ، والهيمنة على الثروات وممارسة الإذلال الثقافي وصولا إلى محاولة طمس الهوية الجنوبية من الوجود.
وبفعل هذه السياسة التدميرية الممنهجة ضد القيادة والثروة والشعب الجنوبي انهارت الدولة الجنوبية سياسيًا وعسكريًا، لكنها لم تسقط ثقافيًا وشعبيًا مما جعل الشعب الجنوبي الحر يحول الهزيمة السياسية إلى حالة من الرفض المتصاعد تمهيدًا لميلاد مقاومة جنوبية قادمة سرعان ما انطلقت في العام ١٩٩٦م بتشكيل الأخ القائد عيدروس الزبيدي حركة حتم لتقرير مصير الجنوب عن طريق الكفاح المسلح برئاسته.
ثالثًا: جيل ثقافة أكتوبر واستعادة دولة الجنوب
(٢٠٠٧-٢٠٢٥وما بعد)
من قلب المعاناة الناتجة عن هيمنة القبيلة اليمنية على الثروات الجنوبية نهض شعب الجنوب الحر من بين أنقاض الدمار ليفاجئ العالم في العام ٢٠٠٦م بتبني مشروع التصالح والتسامح الجنوبي الذي انطلق من جمعية ردفان الثورة في العاصمة الحبيبة عدن كواحد من أبرز منجزات ثقافة الدولة المدنية الجنوبية المغدورة وكان للأخ القائد عيدروس الزييدي قائد حركة حتم ورفاقه وكثير من رموز الحركة النضالية العسكرية منها والمدنية والسياسية والأكاديمية وغيرها دورا فاعل في تفعيل هذا المشروع التاريخي وإنجاحه مما مهد الطريق لتفجير ثورة الحراك السلمي الجنوبية عام ٢٠٠٧م بهدف إعادة الاعتبار لمشروع دولة الجنوب المدنية وبهذه الثورة السلمية المعجزة التي شارك فيها شعب الجنوب الحر بكل فئاته الثائرة كان للأخ القائد عيدروس قاسم الزبيدي رئيس حركة حتم ورفاقه وكل القيادات الجنوبية العسكرية منها والمدنية والسياسية والأكاديمية والمجتمعية من كل محافظات الجنوب المحتل دورا بارزا في قيادة هذه الثورة المباركة.
وبفضل ثقافة المقاومة والرفض والتحدي التي يتميز بها الجنوبيون كشعب حي سرعان ما توجت الثورة السلمية بميلاد المقاومة الجنوبية المسلحة عام ٢٠١٥م جنبا إلى جنب مع قوات التحالف العربي في معركة عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لمحاربة المشروع الحوثي الإيراني وطرده من جنوب اليمن وشماله وفي هذه الحرب بالذات تمكن الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي وكل القيادات الثائرة من تحرير مدينة الضالع قبل تحرير أي منطقة في الجنوب واستمر إلى جانب رفاقه في كل جبهات الجنوب حتى تحرير محافظات الجنوب من الغزو الحوثي وملاحقته إلى المحافظات اليمنية.
وبعزيمة نادرة وإرادة متفردة تمكنت ثورة الحراك الجنوبي بشقيها السلمي والمقاوماتي بفعل المشاركة الجمعية لكل فئات الشعب الجنوبي نساء ورجالا وفي طليعتهم جيل الشباب الصاعد من تحرير الجنوب من الغزو الحوثي الإيراني وملاحقتهم إلى عمق المحافظات اليمنية وكل ذلك كان بفعل الثقافة المقاوماتية المكتسبة التي تشربها العقل الجنوبي من الإرث المدني للدولة الجنوبية المغدورة والتي بفضلها تشكل عقلا جنوبيا حرا مقاوما لا يقبل الضيم والإذلال والتهميش.
هذا المنجز الأكتوبري الصاعد والمتجدد نهض من بين أنقاض الدمار ليعيد لأكتوبر المجد لمعان بريقها وألقها الثوروي المتجدد ، ولهذا لم تكن الثورة السلمية والمقاوماتية ضد الاحتلال اليمني فقط، بل ضد محو الذاكرة وطمس الهُوية وصولا إلى استعادة الحق السيادي للجنوب ، الأمر الذي جعل من المجلس الانتقالي الجنوبي المشكل من قوى الحراك السلمي والمقاومة الجنوبية المسلحة امتدادًا تنظيميًا وعسكريًا وثقافيًا لمشروع الدولة المدنية لثورة أكتوبر الخالدة .
وبفعل النضال الجنوبي المفتوح شهدت المرحلة الأخيرة استعادة تدريجية لمؤسسات الدولة في الجنوب
ولاسيما مؤسسات (الأمن والجيش والإدارة والتمثيل السياسي الخارجي) على طريق استعادة الدولة الجنوبية.
وبفضل هذه المنجزات المتصاعدة تحوّلت ثقافة أكتوبر من مشروع تأسيس إلى بداية لمشروع استعادة الدولة ورغم كل الإشكاليات وبفعل رسوخ ثقافة الدولة في العقل الجنوبي ظلّت البنية الذهنية للدولة المدنية الجنوبية صامدة رغم غياب الدولة كمؤسسة وهذا عزاؤنا.
د- النتائج العامة
١-ثورة أكتوبر أسّست دولة جنوبية مدنية ذات سيادة وفكر حداثي متقدّم على محيطها.
٢-لم تُهزم ثورة أكتوبر ثقافيًا رغم سقوط الدولة السياسي.
٣-ظلت الثقافة الأكتوبرية حاضرة في المقاومة، والحراك، والمجلس الانتقالي.
٤-المشروع المدني الحداثي لا يزال يؤطر طموحات الجنوب في بناء دولة فيدرالية.
٥-الاستعادة الجارية لمؤسسات الدولة هي نتيجة تراكم وعي بدأ منذ لحظة التأسيس الأولى.
ه-التوصيات
١-ضرورة توثيق التجربة السياسية لدولة الجنوب من منظور علمي، بعيدًا عن التوظيف السياسي اللحظي.
٢-تعزيز حضور القيم الأكتوبرية في مناهج التعليم، والإعلام، والخطاب السياسي الجنوبي.
٣-العمل على استعادة الدولة الجنوبية كدولة مدنية فيدرالية حديثة تستوعب كل مكتسبات الماضي.
٤-دعم المؤسسات الأكاديمية لدراسة العلاقة بين الثورة والدولة كمسار ثقافي لا فقط سياسي.
٥-تطوير الخطاب الجنوبي ليكون متسقًا مع إرث أكتوبر ويواكب متطلبات المرحلة الجديدة.
٦-تشجيع البحث في الثقافة السياسية للجنوب لفهم جذور المقاومة المدنية وطبيعة مشروع الاستقلال.
٧-ضمان العدالة الانتقالية في أي مرحلة استعادة، لضمان عدم تكرار أخطاء الماضي.
باحث أكاديمي ومحلل سياسي
7 أكتوبر، 2025
7 أكتوبر، 2025
7 أكتوبر، 2025
30 سبتمبر، 2025
30 سبتمبر، 2025
24 سبتمبر، 2025
14 سبتمبر، 2025
8 سبتمبر، 2025
1 سبتمبر، 2025
17 أغسطس، 2025
9 أغسطس، 2025
6 أغسطس، 2025
2 أغسطس، 2025